في هذه السورة ذات الآيات الثلاث يتمثل منهج كامل للحياة البشرية كما يريدها الإسلام, وتبرز معالم التصور اليماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح وأدق صورة. إنها الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار, وتصف الأمة المسلمة : حقيقتها ووظيفتها. في آية واحدة هي الآية الثالثة من السورة, وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله
وقال الأمام الشافعي رحمه الله عن سورة العصر ( لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم )
والحقيقة الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه :
إنه على امتداد الزمان في جميع العصور، وامتداد الإنسان في جميع الأدهار، ليس إلا منهج واحد رابح، وطريق واحد ناج. هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده، وهو هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسر : ذكر القرآن
والعصر ، إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) صدق الله العظيم إنه الايمان. والعمل الصالح. والتواصي بالحق . والتواصي بالصبر .. وهذه السورة حاسمة في تحديد الطريق .. إنه الخسر .. (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ..طريق واحد لا يتعدد . طريق الايمان والعمل الصالح وقيام الجماعة المسلمة ، التي تتواصى بالحق وتتواصى بالصبر . وتقوم متضامنة على حراسة الحق مزودة بزاد الصبر .
المصدر : في ظلال القرآن - سيد قطب